سورة الروم - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}
{مِمَّا} {أَيْمَانُكُمْ} {رَزَقْنَاكُمْ} {الآيات} (28)- وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُشْرِكين الذينَ يَجْعَلُونَ للهِ شُرَكَاءَ، فَيَعْبُدُونَ مَعَ اللهِ آلهةً غَيْرَهُ، وَهُمْ مَعَ ذَلك مُعْتَرِفُونَ أَنْ شُرَكَاءَهُمْ مِنَ الأَصْنَامِ عِبيدٌ للهِ، وَمُلْكٌ لَهُ، كَمَا كَانُوا يَقُولُونَ في طَوَافِهِمْ حَوْلَ الكَعْبَةِ: (لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ إِلا شَرِيكاً هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ)، فَقَالَ تَعَالى لَهَمْ: إِنَّ اللهَ يَضْرِبُ لَكُم مَثَلاً مُنْتَزَعاً مِنْ أَحوالِ أَنْفُسِكُمْ وَأَوْطَارِها، وَهِيَ أقربُ الأَشياءِ إِليكُم، وَبِهِ يَسْتبِينُ مِقْدَارُ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلالَةِ بِعِبَادَتِكُمُ الأَصْنَامَ والأَوثَانَ. وَهذا المَثَلُ هُوَ: هَلْ يَرْضَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ شَرِيكاً لَهُ فِي مَالِهِ فَيَكُونَ مَعَهُ عَلى السَّواءِ في التَّصَرّفِ فِي المَالِ، فيَحْسبُ حِسَابَهُ مَعَهُ، فَلا يَتَصَرَّفُ في شَيءٍ مِمَّا يَملِكُ مِنْ دُونِ إِذْنِهِ، كَمَا يَحْسبَ حِسَابَ الشَّريكِ الحُرِّ المُمَاثِلِ، ويَخْشَى أَنْ يَجُورَ عليهِ شَرِيكُهُ، كَمَا يَتَحَرَّجُ هُوَ مِنَ الجَوْرِ عَلَى شَرِيكِهِ لأنَّهُ كُفْءٌ لَهُ وَنِدٌّ (تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُم)، فَهلُ يَقَعُ شَيءٌ مِنْ ذَلكَ فِي مُحِيطِكُمُ القَرِيبِ وشَأْنِكُمُ الخَاصِّ؟ فَإِذا كَانَ شَيءٌ مِنْ ذَلكَ لا يَقَعُ، فَكَيفَ تَرْضَونَهُ في حَقِّ اللهِ تَعَالى ولَهُ المَثَلُ الأَعلَى؟
ثُمَّ قَالَ تَعَالى إٍنَّهُ يُفَصِّلُ الآياتِ مثلَ هذا التَّفْصِيلِ البَديعِ بِضَربِ الأَمثَالِ الكَاشِفَةِ للمَعَاني، ليُقَرِّبَها مِنْ أفهَامِ مَنْ يَسْتَعْمِلُون عُقُولَهُمْ في تَدَبٌّرِ الأَمثالِ، واستِخراجِ المَعَاني لِلوُصُولِ إِلى الأَغْراضِ التي تَرْمي إِليها.


{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29)}
{نَّاصِرِينَ}
(29)- وَلكِنَّ الذِينَ ظَلمُوا أَنْفُسَهَمْ بكُفْرِهِمْ باللهِ، قَدِ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ جَهْلاً مِنهُمْ بحَقِّ اللهِ عَلَيهِمْ، وَعَظَمَتهِ، فَأَشْرَكُوا الأَصْنَامَ والأَوْثَانَ مَعَهُ في العِبَادَةِ، وَلا حُجَّةَ وَلا دَليلَ لَهُم في عَبَادَتِها، فَمَنْ ذَا الذِي يَستَطِيعُ أَنْ يَهْدِيَ بَشَراً قَدْ خَلَقَ اللهُ فيهِ الاسْتِعْدَادَ لِلضَّلالَةِ؟ وَهؤلاءِ الظَّالِمُونَ لأنفُسِهِمْ ليسَ لَهُمْ مَنْ يَنْصُرهُمْ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وقدَرِهِ، وَلا مَنْ يُجِيرُهُمْ مِنْ بَأْسِهِ وَعِقَابِهِ.


{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)}
{فِطْرَتَ}
(30)- فَوَجِّهْ وَجْهَكَ إِلى الدِّينِ شَرَعَهُ اللهُ لَكَ، وَهُوَ الحَنِيفيّةُ مِلَّةُ إبراهيمَ التي هَدَاكَ اللهُ إليها، وَفَطَرَكَ عَليها، كَمَا فَطَر الخَلْقَ عَلَيهَا، وبهذهِ الفِطروِ السَّلِيمةِ يَهْتَدِي البَشَرُ إِلى مَعرِفَةِ رَبِّهِمْ وخَالِقِهِمْ تَعَالى وَتَقَدَّسَ، وأنَّهُ وَاحدٌ لا شَريكَ لهُ.
وَقَدْ سَاوَى اللهُ تَعَالى بينَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ في الفِطْرَةِ، لا تَفَاوُتَ بينَ النَّاسِ في ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في مَعْنَى (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ): إِن ذَلكَ يَعنِي لا تَبدِيلَ لِدِينِ اللهِ.
وَجَاءَ فِي الصَّحِيحَينِ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلى الفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَواهُ هُمَا اللذانِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنْصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ البَهِمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ. هَلْ تُحِسّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ». البُخَارِي وَمُسْلِمٌ. ثُمَّ قَالَ تَعالى: إِنَّ التّمَسُّكَ بالشَّرِيعَةِ، وبِالفِطْرَةِ السَّلِمَةِ، هُوَ الدِّينُ القَيِّمُ المُستَقِيمُ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ فَهُمْ عَنْهُ نَاكِبُونَ فَلإْقِمْ وَجْهَكَ- قَوِّمْهُ وَعَدِّلْهُ.
لِلدِّينِ- دِينِ التَّوحِيدِ.
حَنِيفاً- مَائِلاً إِليهِ مُسْتَقيماً عَلَيهِ.
فِطْرَةَ اللهِ- الزَمُوها وَهِيَ دِينُ الإِسْلامِ.
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيها- جَبَلَهُمْ وَطَبَعَهُمْ عَليها.
لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ- لدِينِهِ الذِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهِ.
الدِّينُ القَيِّمُ- المُسْتَقِيمُ الذِي لا عِوَجَ فِيهِ.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13